العدّو الإسرائيلي ينتهك حق الفلسطينين من جديد ويحرمهم من اللقاح
لسنا بحاجة لوباء عالمي كي يكشف اغتصاب العدّو الإسرائيلي لحقوق المواطنين الفلسطينين، في أرضهم، وصحتهم، وحقوقهم، وما ينتج عنه من تمييز وعنصرية وفوقية فاضحين.
الجديد اليوم حرمان الفلسطينيين من حقّهم في لقاح فيروس كورونا؛ ما دعا بالأمم المتحدة إلى رفع الصوت وتسليط الضوء على الممارسة العنصرية للكيان الإسرائيلي.
التمييز العنصري في أبهى حلله
كشفت شبكة الـ CNN في تقرير أخير عن شابين يعملان جنبًا إلى جنب في ملحمة، ويعيشان في نفس البلدة المزدحمة والمكتظة بالسكان. أحدهما محظوظ – إنّه مؤهل للحصول على لقاح إسرائيلي لـكوفيد_19، فيما الآخر ليس كذلك.
الشابان فلسطينيان من سكان كفر عقب، التي يعتبرها القانون الإسرائيلي جزءًا من “القدس الكبرى”، فيما تُعتبر بموجب القانون الدولي أراضٍ مُضَمَّنة بشكل غير قانوني، بعد الاستيلاء عليها من الأردن عام 1967. كما أنّها معزولة عن القدس المحتلة بالجدار الأمني الإسرائيلي الضخم؛ ونادرًا ما يأتي الإسرائيليون اليهود إلى هناك، باستثناء االعسكريين للقيام بغارات عسكرية.
محمود عودة، مثله مثل الآلاف من سكان البلدة الآخرين، لديه وثيقة هوية فلسطينية؛ فيما يحمل صديقه عنان أبو عيشة بطاقة هوية إسرائيلية تُعرِّفه بأنّه مقيم دائم في القدس الشرقية. يؤهلّه هذا للانضمام إلى حملة التطعيم الإسرائيلية، والتي تسير في طريقها لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في تلقيح كامل بحلول نهاية شهر مارس.
لكن ما لا يقلّ عن 4.5 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وغزة لا يشملهم اللقاح. وحتى الآن لم يحصل أي منهم على هذه الحقن، ومن غير المرجّح أن يحصل عليها معظمهم في أي وقت قريب – لأنّه لا توجد حملة تطعيم ضد فيروس كوفيد_ 19 في الأراضي الفلسطينية.
وكشفت الـ CNN أنّه إذا حصل عنان على اللقاح واستمر مع صديقه، في تقطيع وبيع اللحوم من الماعز والبقر في المتجر، يقول إنّه سيشعر بالذنب.
وأضاف: “نصف الناس هنا لا يمكنهم أخذ اللقاح، لذا لن آخذه أيضًا، فلماذا آخذه عندما لا يستطيعون؟ لن أفعل”. فيما وصف محمود هذا التصرف بالعنصري.
الأمم المتحدة: إسرائيل تتنصّل من مسؤولياتها
بحسب خبراء الأمم المتحدة، فإنّ سياسة التحصين التي تميّز بين حاملي الهوية الإسرائيلية ومن لا يملكونها، “غير مقبولة”.
إلى ذلك، يقول تقرير خبير الأمم المتحدة إنّ إسرائيل هي القوّة المحتلة في غزة والضفة الغربية وفوقها، منذ عام 1967، وبالتالي فهي مسؤولة في النهاية عن الرعاية الصحية لأولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال.
ووفقًا لتقرير الخبراء، الذي نشره مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يجب على إسرائيل توسيع حملة التطعيم لجميع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
كذلك، قال الخبراء إنّ إسرائيل بصفتها قوة محتّلة، مطالبة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، ‘إلى أقصى حد ممكن من الوسائل المتاحة لها’، بالحفاظ على الخدمات الصحية في الأراضي المحتلة؛ والمادة 56 تطالب إسرائيل بالتبني والتطبيق.
وقالت هيئة حقوق الإنسان في بيان، إنّ الإجراءات الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة هي “بالتعاون مع السلطات الوطنية والمحلية”.
وقال الخبراء أيضًا: “سيبقى 4.5 مليون فلسطيني غير محميين ومعرّضين لـ كوفيد_19، بينما سيتم تطعيم المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب منهم وبينهم – بما في ذلك سكان المستوطنين الإسرائيليين-. فأخلاقياً وقانونياً، هذا التباين في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، يكشف أنّ الرعاية، وسط أسوأ أزمة صحية عالمية، أمر غير مقبول”.
وزير الصحة الإسرائيلي: مصلحتنا فوق الجميع
وقال وزير الصحة الإسرائيلي يولي إدلشتاين لشبكة CNN : “استندت حساباتنا إلى المواطنين الإسرائيليين. وإذا وصلنا إلى الوضع الذي يتم فيه تطعيم كل شخص في البلاد يريد التطعيم، سنكون أكثر من مستعدين لمشاركة اللقاحات مع جيراننا”.
وفي تهرّب من مسؤوليته، أضاف: “في هذه المرحلة نتحدث عن مواطنين إسرائيليين … لم أسمع بأي التزام لإسرائيل لدفع ثمن اللقاحات لشخص آخر.”
وتشير حكومة العدو إلى اتفاقيات أوسلو، الموقّعة في منتصف التسعينيات مع منظمة التحرير الفلسطينية، والتي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية. وتتضمن الاتفاقية الأولى من تلك الاتفاقيات بندًا يسلّم المسؤولية للسلطة الفلسطينية عن صحة جميع الفلسطينيين الخاضعين لإدارتها المدنية.
فيما يقرّ الخبراء بأنّه ليس من المنطق محاولة التنقّل بين المسؤوليات التي حدّدتها أوسلو، والتي لم تكن اتفاقية الوضع النهائي، والواجبات المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف.
وفي مقابلته مع CNN، صاغ إدلشتاين القرار من حيث المصالح وليس الالتزامات. وقال: “في هذه المرحلة، نحن لا نقدم اللقاحات، لكننا نفهم أنّه من مصلحة إسرائيل التأكد من أنّنا لن ندخل في وضع يتم فيه تلقيحنا ومن ثم الخروج من هذه المشكلة، ومن الجانب الفلسطيني هناك مشكلة أخرى زيادة في الأرقام “، أضاف إدلشتاين.
وزارة الصحة الفلسطينية: اللقاح في آخر مارس
تجدر الإشارة إلى أنّ معدل وفاة الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد_ 19 في الأراضي الفلسطينية والقدس الشرقية (1.1٪) أعلى من إسرائيل (0.7٪) ، لكنه أقل بكثير من المعدلات في الولايات المتحدة (1.7٪) والمملكة المتحدة (2.6٪) بحسب منظمة الصحة العالمية.
بالمقابل، كشفت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية، الدكتورة مي الكيلة، أنّهم يتوقعون الحصول على لقاح بحلول نهاية مارس/ آذار، لكن لم يتم تحديد موعد محدد حتى الآن لوصوله؛ وتقول الوزارة إنّها تعاقدت مع أربع شركات تنتج اللقاح. وقالت السلطة الفلسطينية في بيان أصدرته في 9 كانون الثاني (يناير) إنّ هذه اللقاحات ستغطي 70٪ من السكان الفلسطينيين وستوفر منظمة الصحة العالمية للوزارة 20٪.
ويعمل المسعفون في مستشفى رام الله المركزي العام، على مدار الساعة، لعلاج مرضى الفيروس التاجي في وحدة العناية المركزة الخاصة بفيروس كورونا فقط. كما هو الحال في العديد من المستشفيات الأخرى حول العالم، تم تجنيد موظفين غير متخصصين للمساعدة في مواجهة الوباء. ولكن بعد الإغلاق المطوّل، تنخفض عمليات القبول، حيث لا تكون وحدة العناية المركزة ممتلئة.
وتعمل الدكتورة وفاء شحادة، وهي طبيبة جراحة عامة مقيمة، في أجنحة كوفيد_19 منذ شهور؛ وتقول إنّها رأت العديد من زملائها يستسلمون للعدوى وينشرونها إلى أسرهم.
وقالت: “بدأنا نشعر بالاكتئاب لأننا لا نحصل على اللقاحات هنا في الاراضي الفلسطينية”. “وعلى الجانب الآخر من الحدود، إسرائيل … أعتقد أنه منذ ثلاثة أيام تم تطعيم حوالي 1600000 شخص، وهنا في فلسطين عدد الأشخاص الذين تم تطعيمهم هو صفر”.